وجهة السفر - دليل السفر الرائد

الأسرار القديمة المكشوفة: التاريخ وراء مدينة البتراء الأردنية القديمة

الأسرار القديمة المكشوفة: التاريخ وراء مدينة البتراء الأردنية القديمة
البتراء، التي غالبًا ما تُسمى "المدينة الوردية"، هي مكان استثنائي يبدو وكأنه خرج مباشرة من كتاب قصص. تقع في دولة الأردن الجميلة، هذه المدينة القديمة ليست مجرد مدينة قديمة؛ إنها واحدة من أقدم المدن في العالم، مليئة بتاريخ لا يصدق ومشاهد مذهلة. إذا تساءلت يومًا عن التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة، فأنت في مكان مناسب. كانت هذه المكانة المذهلة ذات يوم عاصمة صاخبة منحوتة مباشرة في منحدرات الحجر الرملي الشاهقة، وقصتها هي قصة ذكاء لا يصدق، وتجارة عظيمة، وإعادة اكتشاف في النهاية. اليوم، تقف البتراء بفخر كواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة في العالم وموقع تراث عالمي لليونسكو، يجذب زوارًا من كل ركن من أركان العالم.

بدايات البتراء الأولى: موطن منذ العصور القديمة

صدق أو لا تصدق، عاش الناس في منطقة البتراء لفترة طويلة بشكل لا يصدق - أكثر من 10000 عام! استقر أول الناس هنا خلال فترة تسمى العصر الحجري الحديث المبكر، والتي كانت بين 8500 و 5500 قبل الميلاد. كانت هذه خطوة كبيرة للبشرية، حيث كان الناس يتعلمون التوقف عن التحرك طوال الوقت وبدؤوا بدلاً من ذلك في بناء منازل دائمة والزراعة.وجد علماء الآثار، الذين يشبهون محققي التاريخ، ثلاث قرى قديمة في الجزء الشمالي من البتراء من ذلك الوقت: البيضا، بعجة، وشكارات مساعد. تساعدنا هذه الاكتشافات على فهم ما كانت عليه الحياة لبعض أقدم المجتمعات المستقرة على الأرض، وتظهر لنا كيف تحولوا من الصيد وجمع الثمار إلى العيش في مكان واحد وزراعة طعامهم.تظهر الأدلة أن الناس استمروا في العيش في منطقة البتراء خلال العصر البرونزي، الذي كان من 3300 إلى 1200 قبل الميلاد. في بقعة تسمى أم صيصبان، وجد علماء الآثار بقايا منازل مستطيلة وفخار، تخبرنا أن المجتمعات الصغيرة استمرت في العيش في هذه المنطقة.ثم جاء العصر الحديدي (1200-600 قبل الميلاد)، ونمت مملكة تسمى إدوم قوية في المنطقة، تمتد من وادي الحاصة في الشمال وصولاً إلى العقبة في الجنوب. بنى الأدوميون مستوطنات في منطقة البتراء، مستخدمين مصادر المياه الطبيعية المتاحة. كانت اثنتان من مستوطناتهم المهمة أم البيارا وبعجة. ولكن في النهاية، بعد صراع مع الملك أمصيا ملك يهوذا، سيطر الأنباط على المنطقة. هذا مهد الطريق لأشهر فترة في البتراء.

صعود الأنباط: تجار وبناة مهرة

الجزء الأكثر شهرة من التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة يبدأ حقًا مع الأنباط. وصل هؤلاء الأشخاص الأذكياء إلى المنطقة، وبحلول القرن الرابع قبل الميلاد، جعلوا البتراء عاصمتهم الصاخبة. اختاروا هذه البقعة لأنها كانت تقع بشكل مثالي كمركز تجاري، في منتصف طرق مهمة تربط الجزيرة العربية، مصر، سوريا، وفينيقيا. تاجروا بسلع قيمة مثل البخور، المر، والتوابل، مما جعلهم أثرياء وأقوياء للغاية.الحياة في الصحراء صعبة، لكن الأنباط كانوا عباقرة الصحراء! اكتشفوا كيفية البقاء على قيد الحياة وحتى الازدهار في هذه الأرض الجافة من خلال إتقان تكنولوجيا المياه. بنوا نظامًا مذهلاً من القنوات، الأنفاق، سدود التحويل، خزانات المياه، والخزانات لتجميع وحفظ كل قطرة من مياه الأمطار الثمينة. لم يوفر هذا النظام الذكي المياه لمدينتهم المتنامية فحسب، بل حماهم أيضًا من الفيضانات المفاجئة الخطيرة الشائعة في المنطقة. من الصعب التخيل، لكن هذه المدينة الصحراوية ربما كانت موطنًا لما يصل إلى 30,000 شخص في ذروتها، وكلهم مدعومون بهذا النظام المائي المذهل.كان الأنباط أيضًا فنانين وبناة لا يصدقون. لم يبنوا على المناظر الطبيعية فحسب؛ بل بنوا فيها. نحتوا هياكل رائعة مباشرة في منحدرات الحجر الرملي الناعم، مما خلق مقابر متقنة، معابد عظيمة، وحتى مسرح كبير. جعل هذا الأسلوب الفريد، الذي يمزج تقاليدهم الخاصة مع تأثيرات من ثقافات مثل الإغريق الهلنستيين، هندستهم المعمارية مميزة وجميلة حقًا. تشمل بعض أشهر إبداعاتهم المقابر الملكية المثيرة للإعجاب، مثل مقبرة الجرة، المقبرة القصر، والمقبرة الكورنثية. كانت مدينتهم مزيجًا من الجمال الطبيعي والحرفية البشرية المذهلة.

البتراء تحت الحكم الروماني: فصل جديد

ازدهرت إمبراطورية الأنباط لقرون، لكن في النهاية، ظهرت قوة جديدة جبارة: الرومان. في عام 106 م، استولى الإمبراطور الروماني تراجان على مملكة الأنباط، مما جعلها جزءًا من الإمبراطورية الرومانية وأطلق عليها اسم المقاطعة العربية. على الرغم من أن البتراء لم تعد مملكة مستقلة، إلا أنها ظلت مدينة مهمة جدًا في المنطقة. حتى أنها حصلت على ألقاب عظيمة مثل "عاصمة العربية" في عام 114 م و"عاصمة هادريان بترا" بعد زيارة الإمبراطور هادريان في عام 131 م.خلال الحكم الروماني، استمرت البتراء في كونها مركزًا تجاريًا صاخبًا، خاصة مع إنشاء فيا ترايانا نوفا، طريق جديد يربط المدن من الشمال إلى الجنوب. ترك الرومان أيضًا بصمتهم على مظهر البتراء. جلبوا أفكارهم عن تخطيط المدن، مضيفين هياكل جديدة مثل طريق روماني ذو أعمدة (شارع مع أعمدة على كلا الجانبين)، مقبرة الجندي الروماني، ومقبرة سيكستيوس فلورنتينوس. حتى المسرح الشهير في البتراء، الذي بُني خلال هذا الوقت، أظهر مزيجًا من التصميم الروماني مع مهارات النحت الحجري التقليدية للأنباط. استمر اندماج الأنماط الشرقية والهلنستية في تحديد سحر البتراء الفريد.

انحدار مدينة عظيمة: زلازل ورمال متحركة

للأسف، حتى أعظم المدن يمكن أن تواجه تحديات تؤدي إلى انحدارها. بالنسبة للبتراء، ساهمت حدثان رئيسيان في هجرها في النهاية، مما يمثل منعطفًا محوريًا في التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة. الأول كان سلسلة من الزلازل القوية. دمر زلزال كبير في عام 363 م جزءًا كبيرًا من المدينة، مما تسبب في أضرار جسيمة للعديد من المباني. أثر زلزال آخر في عام 551 م بشكل أكبر على المدينة.الضربة الرئيسية الثانية جاءت من تغييرات في طرق التجارة. مع ظهور طرق جديدة لنقل البضائع وأصبحت الطرق البحرية أكثر شيوعًا، أصبح الموقع الاستراتيجي للبتراء كمركز تجاري بري أقل أهمية. ببطء، تضاءل تدفق البضائع الثمينة والتجار عبر المدينة.أدى هذان العاملان مجتمعان - الزلازل المدمرة وأنماط التجارة المتغيرة - في النهاية إلى سقوط البتراء. بحلول منتصف القرن السابع الميلادي، يبدو أن المدينة قد هُجرت إلى حد كبير. أصبحت "ضائعة" عن العالم الخارجي، ولم يتذكرها سوى البدو المحليين الذين عاشوا في المنطقة. لقرون، وقفت الهياكل المنحوتة المذهلة في البتراء صامتة، مخبأة بين الأخاديد المحيطة، في انتظار إعادة اكتشافها.

إعادة اكتشاف "المدينة المفقودة"

لمئات السنين، كانت البتراء سرًا، لا يعرفها سوى القبائل البدوية. كانت حقًا "مدينة ضائعة" بالنسبة للعالم الغربي، حيث بقيت أنقاضها الرائعة مخبأة بعيدًا. ولكن في عام 1812، قرر مستكشف سويسري فضولي يُدعى يوهان لودفيغ بركهارت الشروع في رحلة ستغير التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة إلى الأبد. درس العربية واستعد بعناية، مدركًا أنه لرؤية الأنقاض السرية التي تم التحدث عنها، يحتاج إلى الاندماج.يرتدي ملابس عربية ويقنع مرشده البدوي، وجد بركهارت طريقه إلى المدينة المخفية. لم يستطع البقاء طويلاً أو البدء في الحفر، لأنه كان عليه أن يكون حريصًا على عدم الكشف عن نواياه الحقيقية، لكن زيارته القصيرة كانت كافية. رأى الهياكل المنحوتة في الصخر المذهلة، و"اكتشافه" مهد الطريق للمستكشفين وعلماء الآثار المستقبليين للحضور ودراسة البتراء. بعد رواية بركهارت، أصبحت البتراء مشهورة بشكل متزايد في الغرب كمدينة قديمة جميلة ورائعة، وبدأت تجذب الزوار - وهو اتجاه مستمر حتى اليوم.كان ذلك أيضًا في ذلك الوقت تقريبًا أن البتراء حصلت على لقبها الشهير، "المدينة الوردية". يأتي هذا الاسم من اللون الوردي المذهل لحجر الحجر الرملي الذي نحتت منه العديد من مباني المدينة. كتب رجل دين إنجليزي يُدعى جون ويليام بورغون، على الرغم من أنه لم يزر البتراء أبدًا، قصيدة في عام 1845 تلتقط جوهرها تمامًا: "قارن لي مثل هذه العجائب إلا في الشرق، مدينة وردية قديمة نصفها من الزمن." بقي هذا الوصف الجميل، وعُرفت البتراء بهذا الاسم الجميل منذ ذلك الحين. يظهر اللون حقًا، خاصة عند غروب الشمس.

عجائب معمارية وكنوز مخفية

البتراء أكثر بكثير من مجرد مجموعة من المباني القديمة؛ إنها مدينة كاملة منحوتة من الحجر، تُظهر التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة. عندما يصل الزوار لأول مرة، يدخلون عادةً عبر واد طويل ضيق يسمى السيق. هذا المسار المتعرج، وهو صدع صخري طبيعي، يؤدي بشكل مثير إلى المدخل الرئيسي للمدينة. المشي من خلاله يشعرك وكأنك تعود بالزمن إلى الوراء.أشهر مشهد داخل البتراء، وربما الأكثر شهرة، هو المبنى الرائع المعروف باسم الخزنة، أو الخزنة. بُني حوالي القرن الأول الميلادي، هذا الهيكل المذهل نصفه منحوت في المنحدر ويبلغ ارتفاعه المثير للإعجاب 130 قدمًا. واجهته مغطاة بتصميمات هلنستية مفصلة ومحفوظة جيدًا، تعلوها جرة جنائزية كبيرة. قد تتعرف عليها حتى من ظهورها في الفيلم الشهير إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة. ومن المثير للاهتمام، أن هذه الجرة بها ثقوب رصاص لأن السكان المحليين اعتقدوا ذات مرة أنها تحتوي على ذهب مخفي، على الرغم من أنها في الواقع حجر صلب.وراء الخزنة، هناك عدد لا يحصى من العجائب الأخرى. هناك الدير، المعروف أيضًا باسم "الدير"، وهو نصب تذكاري ضخم يمكن الوصول إليه بتسلق أكثر من 800 درجة. كما تضم المدينة شارعًا ذو أعمدة، وأنقاض معابد، وحمامات، ومقابر متنوعة، كل منها يحكي جزءًا من قصة البتراء الطويلة. يقدر علماء الآثار أن حوالي 20٪ فقط من البتراء تم اكتشافها حتى الآن، مما يعني أن 80٪ لم تُكتشف بعد. هذا هو السبب في أنه لا تزال هناك اكتشافات جديدة، مثل نصب تذكاري ضخم غير معروف سابقًا تم العثور عليه في عام 2016 باستخدام صور الأقمار الصناعية.كان للبتراء حتى "ضاحية" تسمى البتراء الصغيرة، أو السيق البارد. ربما خدمت هذه المنطقة الأصغر كمكان استراحة للتجار الزائرين وكانت قريبة من منازل بعض تجار المدينة. على الرغم من أنها لا تحصل على الكثير من ضوء الشمس المباشر (ولهذا تُسمى أيضًا "الوادي البارد")، إلا أنها تضم كنوزًا مخفية مثل مساكن الكهوف القديمة، قنوات المياه، ولوحات جدارية جميلة، مثل تلك الموجودة في "البيت المطلي".

إرث البتراء الدائم والاعتراف الحديث

اليوم، تحظى البتراء باعتراف في جميع أنحاء العالم لقيمتها التاريخية والثقافية المذهلة. تم تعيينها كموقع تراث عالمي لليونسكو في عام 1985، مما يعني أنها تعتبر مميزة جدًا بحيث يجب حمايتها للجميع، إلى الأبد. في وقت لاحق، في عام 2007، تم اختيارها أيضًا كواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة في العالم، مما يؤكد مكانتها بين أكثر الإنجازات البشرية إثارة للإعجاب على الأرض.هذا الاعتراف، جنبًا إلى جنب مع ظهورها في الأفلام الشهيرة، جعل البتراء وجهة لا بد من زيارتها، وزاد عدد الزوار بشكل مطرد. في الواقع، في عام 2023، زار البتراء أكثر من 1.1 مليون شخص. يتم إدارة منتزه البتراء الأثري بنشاط، الذي يغطي مساحة شاسعة تبلغ 26,171 هكتارًا، لحماية هذا الكنز القديم. يعمل الخبراء على الحفاظ على هياكلها الحجرية الرملية الحساسة من التآكل الطبيعي وإدارة تأثير السياحة، مما يضمن أن الأجيال القادمة يمكنها أيضًا تجربة سحر التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة.أنظمة إدارة المياه المذهلة، العدد الهائل من المقابر والمعابد المنحوتة في الصخر، ومزيج الأنماط المعمارية الشرقية والهلنستية - كلها تساهم في "القيمة العالمية الاستثنائية" للبتراء. إنها مكان يحكي قصة العديد من الحضارات السابقة، من أقدم مستوطنات العصر الحجري الحديث إلى الأنباط الأقوياء، الرومان، البيزنطيين، وحتى الفترات الإسلامية. لدى مجتمعات البدو المحلية أيضًا ارتباط عميق بالبتراء، وتم الاعتراف بفضائهم الثقافي في البتراء ووادي رم كتراث ثقافي غير مادي.

الخاتمة: رحلة عبر الزمن في المدينة الوردية

التاريخ وراء البتراء: مدينة الأردن القديمة هو قصة آسرة من البراعة البشرية، المرونة، والفنية. من بداياتها المتواضعة كقرى من العصر الحجري الحديث إلى أيامها المجيدة كعاصمة للأنباط وإعادة اكتشافها اللاحقة، شهدت البتراء آلاف السنين من القصص البشرية. إنها تذكير قوي بالحضارات المذهلة التي ازدهرت ذات يوم في الصحراء، تاركة إرثًا من العجائب المعمارية والهندسة المتقدمة.المشي في البتراء يشبه الدخول إلى كتاب تاريخ حي، حيث تهمس كل واجهة منحوتة، كل قناة مائية قديمة، وكل منحدر شاهق بحكايات الماضي. إنه مكان لا يزال يلهم الرهبة والدهشة، ويذكرنا بالقوة الدائمة للإبداع البشري.لا تقرأ فقط عن هذا التاريخ المذهل - اختبره بنفسك! ابدأ في التخطيط لزيارتك إلى البتراء اليوم واكتشف سحر مدينة الأردن القديمة بنفسك!
العودة إلى جميع الوجهات
إعلان

استكشف وجهات مشابهة